انتقادات وإقبال ضعيف على استفتاء الدستور بمصر
بدأ المصريون التصويت في الاستفتاء المثير للجدل على التعديلات الدستورية التي اقترحها الرئيس حسني مبارك وسط إقبال ضعيف وتجدد دعوات لمقاطعته. وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الثامنة صباح اليوم على أن تغلق السابعة مساء ليبدأ بعد ذلك فرز الأصوات تمهيدا لإعلان النتائج الرسمية. ودعي نحو 35 مليون ناخب يحق لهم المشاركة والتصويت بـ"نعم" أم "لا" في الاستفتاء في 334 لجنة عامة وأكثر من 34 ألف لجنة فرعية تحت إشراف رجال القضاء والنيابة العامة والهيئات القضائية المختلفة. وقال مراقبون إن عددا قليلا من المصريين أدلى حتى الآن بصوته، وإن الإقبال لا يزال ضعيفا. فقد صوت ثلاثة مواطنين فقط في كل من لجنتي اقتراع في القاهرة حتى الساعة الثامنة والنصف أي بعد نصف ساعة من الموعد الرسمي لفتح اللجان. وفي ضاحية المعادي بجنوب القاهرة لم يحضر أي مواطن للإدلاء بصوته بحلول الساعة الثامنة صباحا. وبعد نحو ساعتين من الاقتراع في مدرسة كبيرة بمدينة الإسكندرية، ذكر مسؤولون أن 53 ناخبا أدلوا بأصواتهم من بين 3576 مسجلين أي بنسبة 1.5%. وفي حي غاردن سيتي بوسط القاهرة دخل إحدى اللجان ناخبان فقط حتى الظهر. وأفاد مراسلو الجزيرة في مصر بأن مراكز اقتراع المحلة الكبرى شهدت إقبالا ضعيفا وبأن منظمات المجتمع المدني سجلت عدة ملاحظات أبرزها غياب القضاة عن كثير من المراكز والتصويت الجماعي لعاملين وموظفين تم نقلهم بوسائل النقل الحكومية للإدلاء بأصواتهم، وبأن بعض المقترعين اشتكوا من ترهيبهم بخصومات على رواتبهم أو ترغيبهم عبر عرض مكافآت أو وجبات مجانية، وهو ما نفاه أعضاء بالحزب الحاكم جملة وتفصيلا. وأشاروا إلى أن لجان بعض المراكز في العريش منعت حقوقيين من الدخول لمراقبة سير عملية الاقتراع بدعوى عدم وجود تصاريح تخولهم ذلك. وأدلى الرئيس مبارك وزوجته سوزان وابنهما جمال بأصواتهم في لجنة بحي مصر الجديدة حيث يقطن مبارك، في حين انتشر مئات من رجال الشرطة بكامل عتادهم وسط العاصمة تحسبا لحدوث اضطرابات. وتشمل التعديلات 34 مادة في الدستور أقرها قبل أسبوع مجلس الشعب المصري الذي يهيمن الحزب الوطني الحاكم على ثلاثة أرباع مقاعده. وتحتج المعارضة بصفة خاصة على تعديلات المادة 88 التي تلغي الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات العامة، والمادة 179 التي تتيح لأجهزة الأمن اعتقال المشتبه بهم في قضايا إرهابية وتفتيش منازلهم ومراقبة مراسلاتهم والتنصت على مكالماتهم، كما تمنح رئيس الجمهورية حق إحالة المتهمين في هذه القضايا إلى محاكم عسكرية أو استثنائية. كما ترفض المعارضة التعديلات المتعلقة بشروط الترشيح للانتخابات الرئاسية والتي تمنع ترشح المستقلين، وتعتبر أنها تمهيد لتوريث الحكم لجمال نجل الرئيس مبارك. واعترضت أيضا على تقديم موعد الاستفتاء الذي كان مقررا في أبريل/نيسان المقبل، معتبرة أنه يهدف لتفويت الفرصة عليها لحشد المواطنين ضد التعديلات وإقناعهم بالاستجابة لدعوة المقاطعة. أما جماعة الإخوان المسلمين المحظورة التي تمثل 20% من البرلمان فتعترض على تعديل المادة الخامسة من الدستور والذي يحظر تأسيس أحزاب سياسية على أسس دينية. وبموجب الدستور المعدل يمكن للرئيس المصري حل مجلس الشعب الحالي وإجراء انتخابات جديدة بموجب نظام انتخابات جديدة يجعل من الصعب على الإخوان المسلمين الفوز بمقاعد. وقد انتقدت الجماعة في حديث للجزيرة مع المتحدث باسمها الدكتور حمدي حسن استمرار مضي النظام الحاكم في إجراء الاستفتاء رغم معارضة شرائح كبيرة له، كما انتقدت شيخ الأزهر الذي "أثم من لا يشارك به ولم يؤثم من يصادر الحريات". وشكك الدكتور حسن بنتيجة الاستفتاء مسبقا وأوضح أنه لم يحدث في تاريخ مصر أن جاءت النتيجة مغايرة لإرادة الرئيس، مذكرا بنتيجة انتخابات عام 2005 عندما ضم الحزب الحاكم المستقلين إليه وسلب إرادة الشعب المصري، على حد قوله. وكانت الشرطة المصرية اعتقلت أمس 19 متظاهرا من بين مجموعة احتشدوا أمام مقر نقابة الصحفيين المصريين وسط القاهرة احتجاجا على التعديلات الدستورية وللدعوة لمقاطعة الاستفتاء، وشهدت مناطق أخرى احتجاجات مماثلة. وشهدت مدن الفيوم جنوب العاصمة وشبين الكوم بدلتا النيل والعريش بمحافظة شمال سيناء مظاهرات شارك فيها المئات وسط حصار أمني مشدد. ودعت حركة "كفاية" إلى مظاهرات أخرى اليوم في القاهرة ومحافظات أخرى رغم تحذيرات وزارة الداخلية مما وصفته بالإخلال بالأمن خلال الاستفتاء. وفي ردود الأفعال الدولية والحقوقية، اعتبرت منظمة العفو الدولية في بيان أصدرته السبت الماضي أن هذه التعديلات تشكل "أخطر مساس بحقوق الإنسان في مصر منذ إعلان حالة الطوارئ" عام 1981. وانتقدت جماعات مدافعة عن حقوق الإنسان في مصر والخارج التعديلات التي تمنح الحكومة سلطات واسعة لاحتجاز مواطنين بذريعة ما يسمى محاربة الإرهاب. وانضمت الولايات المتحدة إلى هذه الانتقادات الأسبوع الماضي معربة عن قلقها وخيبة أملها لعدم أخذ مصر زمام المبادرة في الشرق الأوسط بشأن زيادة الانفتاح والتعددية. لكن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي زارت مصر أمس خففت حدة انتقاد بلادها، واعتبرت أن مصر تجري التغيير السياسي بطريقتها الخاصة.
تحياتى مشرف قسم الدردشة
beso_friendlyboy@yahoo/hot